تاريخ نادي الإسماعيلي
تأسس نادي الإسماعيلي عام [[1921]] تحت مسمى ''نادي النهضة الرياضي''. شارك في أول بطولة نظمت للدوري المصري الممتاز عام [[1948]]. فاز ببطولة الدوري عام [[1967]]، وكان أول نادٍ مصري يفوز ببطولة قارية حين فاز ب[[دوري أبطال أفريقيا]] عام [[1969]]، الذي خرج منه في الدور نصف النهائي عام [[1970]] و [[1992]]. فاز بكأس مصر عام [[1997]] وكذلك عام [[2000]] بعدما حقق بطولة الدوري عام [[1991]]. وصل إلى المباراة النهائية في [[كأس الاتحاد الأفريقي]] عام [[2000]]. آخر بطولة فاز بها هي بطولة الدوري المصري الممتاز عام [[2002]]. وصل إلى المباراة النهائية عام [[2003]] من دوري أبطال أفريقيا، ولكنه خسر أمام نادي [[إنيمبا]] [[نيجيريا|النيجيري]].
بطولات الفريق ==
* الدوري المصري الممتاز: 3 (آخرها [[2002]])
* كأس مصر: 2 (آخرها [[2000]])
* [[دوري أبطال أفريقيا]]: 1 (عام [[1969]])
نادي الإسماعيلية الرياضي .. أحد أندية مصر الكبار .. صاحب تاريخ طويل .. مجيد ومشرف .. لعب دوراً كبيراً ومؤثراً في منظومة الرياضة المصرية .. أرخج العديد والعديد من الأبطال والنجوم للمنتخبات المصرية في كثير من اللعبات الرياضيــــــــــة على وجه العموم .. لكن بشـكل خاص تبقى " بصمته " في سجل كرة القدم محلياً وعربياً وأفريقياً هي الأبرز والأروع والأبقى على مدى تاريخه المكتوب بمداد من عرق أبنائه وهي التي جعلت منه " أغنية للحياة " .
ضربة البداية :
تعود نشأة الإسماعيلي إلى عام 1921 .. إبان الإحتلال الإنجليزي لمصر .. حين أجتمع عدد من أبناء الإسماعيلية الذين يمتلكون طموح الوطن وروح الثوار وطرحوا على أنفسهم فكرة إنشاء ناد شعبي يضمهم إختاروا له أسم " نادي النهضة " ليواجهون به ناديا " السكة الحديد " التابع لمصلحة سكك حديد مصر والذي يسيطر عليه الجنود الإنجليز ثم " التمساح " الذي أنشأته شركة قناة السويس أو الكوبانية – كما كانوا يطلقون عليها – لرعاياها الفرنسيين من العاملين بها لممارسة الرياضات المختلفة !!
وكانت " ولادة " نادي النهضة " ولادة متعثرة .. حيث لم يكن النادي في البداية يمتلك أرضاً أو ملعباً أو ظهراً يسانده !! فأختار أعضائه موقعاً في أقصى المدينة بمنطقة أبو رخم الصحراوية – الشيخ زايد الآن – ليكون ملعباً لهم يمارسون عليه هواياتهم في لعب كرة القدم التى عشقوها منذ قديم الأزل !
خمس سنوات فقط تلك التي مضت من عمر النادي الوليد .. بعدها .. أنضم رسمياً للأتحاد المصري لكرة القدم بأسم نادي الأسماعيلية للألعاب الرياضية وهو لايملك أرضً أو ملعبً ولاحتى لافتة تحمل أسمه !! وظل أبناؤه الأوفياء وفي مقدمتهم الرجل العظيم " مرتضى أفندي مرسي " يعانون الأمرين من أجل الحصول على قطعة أرض يقيمون عليها ملعباً ومنشآت النادي حتى جاء العام 1929 حاملاً بين طياته " مفتاح الفرج " حيث وافق المسئولون الأجانب أخيراً على منح النادي قطعة أرض على مساحة 8 آلاف متر مربع بجوار المقابر بمنطقة سوق الجمعة !! وبجهودهم الذاتية وسواعدهم قام أبناء النادي بإنشاء سور من الطوب اللبن بأرتفاع نصف متر فقط لترسيم حدود النادي من ناحية وليكون بمثابة مدرج تجلس عليه جماهيره من ناحية أخرى ، كما أقاموا غرفة لخلع ملابس اللاعبين كانت عبارة عن " كشك " من الخشب القديم فوق مساحة من الأرض لاتزيد عن أربعة أمتار !!
ويجىء عام 1931 ليخطوا النادي " الغلبان " أولى خطواته نحو التطوير على أستحياء شديد حيث قام أبنائه بزراعة أرض الملعب الرملية " بالحشيش الأخضر " واقاموا حجرة مشتركة تجمع مكتب للإدارة وغرفة خلع الملابس من " الخشب الجديد " بمساحة أكبر من الكشك القديم بلغت أثنى عشر متر مربع !!
وظل الحال على ماهو عليه حتى عام 1943 حيث أزيل ذلك الكشك الخشبي واقيم بدلاً منه مبنى جديد مكون من غرفتين وصالة ودروة مياه بلدية من الطوب اللبن .
ولأن مدينة الإسماعيلية كانت تقع تحت الإحتلال الإنجليزي من جهة وسيطرة الفرنسيين على شركة قناة السويس التي كانت تعتبر دولة أجنبية داخل الدولة المصرية من جهة أخرى .. ولأن المسألة كانت تتعلق بكرامة المصريين وقومية بلدهم كان لابد من تطوير نادي الإسماعيلية تطويراً حقيقياً يليق بكرامة مصر وبأسم الإسماعيلية وطموحات أبنائها .. فكان " الأجتماع الكبير والشهير " الذي عقد في ميدان التعاون بعرايشية مصر في أبريل عام 1946 بحضور جميع تجار المدينة ورجالها وشبابها من محبي النادي الذين رأوا وقرروا تحويل " نادي الإسماعيلية " من مجرد ناد لكرة القدم فحسب إلى أستاد رياضي كبير يضم العديد من اللعبات الرياضية مهما كلفهم الأمر لمواجهة الأندية الأجنبية التي بدأت تتزايد وتنتشر في " تعالٍ " بأرقى أحياء المدينة والتي كانت تمنع المصريين من الدخول إليها مما كان يصنع جرحاً غائراً في نفس كل مصرى حر ..
لذا تسابق أبناء الإسماعيلية على الإسهام والتبرع بما يملكون في حدود إمكاناتهم حتى يتحقق لهم حلم إنشاء ناديهم الجديد والكبير .. ولكن للأسف لم تكن هذه الإسهامات وهذه التبرعات كافية لإنجاز المشروع " الحلم " !! لجأوا إلى الإدارة الفرنسية التي كانت تدير الشركة العالمية لقناة السويس يطلبون منها " قطعة أرض " ومبلغاً من المال كإعانة إنشائية فوافقت بعد طول وعناء ومناقشات على طلبهم ومنحتهم بالفعل قطعة أرض على شارع المقابر – ومبلغ 2500 جنيه ليبدأوا العمل في إنشاء النادي .. ولكن لأن المشروع كان يحتاج إلى أضعاف أضعاف هذا المبلغ .. عاود الأهالي الإسهام وجمع التبرعات .. ولكن أيضاً .. كانت التبرعات لاتفي بالاحتياجات .. فقررت لجنة إدارة النادي تقديم التماس إلى جلالة ملك البلاد فاروق الأول تشرح فيه ظروف النادي والصعوبات التي تواجهه لإقامة مشروعه الجديد وعرضت على جلالته رغبة أبنائه من المصريين في وجود ناد لهم في بلدهم التي يسيطر عليها الإنجليز والفرنساويين وتلتمس من الملك تقديم العون المادي لقيام المشروع .. وفي نهاية الالتماس كانت هناك " فقرة " رأت لجنة إدارة النادي ضرورة إضافتها إلى الالتماس المقدم إلى جلالة الملك لحثه على المساعدة – تتضمن طلب موافقته على إطلاق أسم – فاروق – على النادي الجديد .. ولكن الملك رفض !! وأبدى رغبته في إطلاق أسم جده الخديوي إسماعيل على النادي .. وأصدر أوامره بصرف مبلغ 2500 جنيه إعانة إنشائية فورية للنادي .. وهكذا كان الموقف .. قام الملك بدفع 2500 جنيه مقابل أن يصبح أسم النادي .. نادي الخديوي إسماعيل !!! وكان لابد من الموافقة في ذلك الوقت لشدة الحاجة وإكتساب عطف الملك ورضاه لإستكمال أعمال إنشاء النادي ..
الخديوي " إسماعيل " في مواجهة " فاروق " الأول :
وجاء موعد أفتتاح النادي في 15 من إبريل عام 1947 ليكون تعبيراً عن قوة إرادة الإنسان المصري البسيط في مواجهة التحديات الكبيرة ..
وليكون عيداً رياضياً للإسماعيلية كلها .. وقد جاء بطل العاصمة نادي " فاروق الأول " – الزمالك – لمواجهة نادي " الخديوي إسماعيل " – الإسماعيلي في اللقاء الأول بينهما في مباراة الإفتتاح التي حضرها حيدر باشا نائباً عن جلالة الملك فاروق والتي أنتهت بفوز الإسماعيلي على الزمالك بنجومه الدوليين 3/2 لتعيش بعدها الإسماعيلية أولى لياليها الجميلة أحتفالاً بأنتصار فريقها ..
وكان قد تشكل في ذلك الوقت أول مجلس إدارة للنادي الجديد بأسم " الخديوي إسماعيل " أو " إسماعيل باشا " من السادة :
1- صالح بك عيد رئيساً
2- الدكتور / سليمان عيد نائباً للرئيس
3- محمد مرتضى افندي مرسي وكيلاً
5- أنور أفندي راجح مساعداً للسكرتير
6- السيد أفندي عبده أميناً للصندوق
بالإضافة إلى أثنى عشر عضواً هم :
على الشريف – ومحمد أبو العلا – ومحمد يوسف – ومحمد ناجي – وعلى العجرودي – وزكي إسماعيل – وسيد عبد الجواد – ومحمد حسنين – وكامل مرسي – وبدوي عبد الفتاح عنب – وحسن رمضان – ويحي أمين حافظ – وأنور أبو حديد ..
كما كان فريق الخديوي إسماعيل يضم في صفوفه بذلك الوقت اللاعبون :
يانجو وعلى حجازي والسيد ابو جريشة وعوض عبد الرحمن وعلى لافي وسالم سالم وعلى عمر وأنوس الكبير والعباوي وإبراهيم حبلص وويشه ومحمد عبدالسلام وعبده عبد الله وأحمد الفرجاني والسيد عبد الله وأحمد منصور .
وتعرض النادي كثيراً لقصف قوات الأحتلال وتهدمت أجزاء من أبنيته بعد أن تحول إلى مقر للفدائيين في منطقة القنال ، وأصبح هدفاً للأنجليز مما أصاب النادي بشلل في جميع أنشتطه ماعدا النشاط الفدائي وكرة القدم .. وبقيام الثورة وخروج الإنجليز من مصر عادت الحياه لتدب في أوصال النادي العظيم من جديد وعاد إليه أسمه الحقيقي الذي يعشقه الناس ويعرفونه به " الإسماعيلي "
هبوط أضطراري :
وظل النادي الإسماعيلي مصدر إزعاج وقلق لأندية العاصمة الكبرى منذ قيام مسابقة " الدوري العام " لأول مرة في مصر 1948 حتى جاء موسم 57،58 لينتقل سبعة لاعبين من أفضل لاعبيه دفعة واحدة إلى نادي القناة لـامين مشتقبلهم .. فحدثت هزة كبيرة بالفريق على أثرها تم الدفع بمجموعة من اللاعبين الناشئين .. صغار السن .. عديمي الخبرة .. مغموروا الأسماء في ذلك الوقت ... رضا .. شحته .. العربي .. خليل سامبو .. ميمي درويش .. يسرى طربوش .. أميرو .. لولو درويش .. منعم معاطي .. فكري راجح .. محمد زافيرس .. سيد مبروك .. ولحداثة عهد هؤلاء الصغار باللعب مع الكبار لم يستطيعوا الاستمرار في الدوري الممتاز ليهبط الإسماعيلي إلى دورى الدرجة الأولى – دوري المظاليم – هبوطاً أضطرارياً بعد رحيل نجومه الكبار بيضو .. سيد أبو جريشة .. صلاح أبو جريشة .. فتحي نافع .. فرج محمود .. على لافي ..يانجو إلى نادي القناة وسفر دميان وطه أبو العلا إلى الخليج العربي وأنتقل بالأمر " عوض عبد الرحمن " و" سيد شارلي " إلى نادي السواحل بحكم عملهم !! ففرغ الفريق من جميع لاعبيه !!
وشال اللاعبين الصغار المسئولية مبكراً .. " شافوا " الويل .. " ذاقوا " المر .. كانت وجبتهم الرئيسية قبل اللعب ساندويتشات الفول والطعمية .. كانوا يسافرون للعب خارج ملعبهم في قطارات " البضاعة " .. لعبوا بفانلات قديمة وشرابات ممزقة وأحذية " بنص " لسان !! لكنهم لفتوا الأنظار .. وبهروا جماهير الكرة في كل مكان بأدائهم الحلو والممتع والمميز لدرجعة جعلت الكاتب الكبير " محمود السعدني " يخرج عن إعتياده بالكتابة في السياسة إلى الكتابة الرياضية حين شاهد فريق الإسماعيلي لأول مرة في حياته أمام دمنهور وهو يلعب في دوري المظاليمالذي قدم الإسماعيلي خلاله أجمل عروضه الكروية على الإطلاق فكتب يقول : " يابتوع الكورة .. إني أحذركم من فريق أسمه الإسماعيلي .. يلعب الكرة كالسحر .. مما يجعلني أتنبأ بأنه سيأتي يوم يتزعم فيه أولاده الصغار أصحاب الشرابات الممزقة .. زعامة الكرة المصرية !!
رغم الظروف الصعبة وقلة الإمكانات المادية يواصل " الأولاد الصغار " مشوارهم التعيب في دورى المظاليم والظلمات بقيادة ولد موهوب .. أسمر .. نحيل .. أسمه " رضا " صار فيما بعد أسطورة الملاعب المصرية و " ألفضل " على مدى تاريخها بشهادة عظماء اللعبة .. الضيظوي وعبد الكريم صقر والديبة وأحمد مكاوي ..
وظل الفريق طيلة أربعة مواسم كاملة يصارع من أجل الصعود من جديد إلى الدوري الممتاز حيث الأضواء والشهرة وعالم الكبار حتى تحقق له الصعود في نهاية موسم 61/62 بفضل الله أولاً ثم مدربه العظيم " عم على عمر " وأيضاً فضل لاعبيه الصغار وزعيمهم ذلك الولد الأسمر النحيل " رضا " الذي كون مع زميله – رفيق العمر – " شحته " أشهر وأمهر ثنائي عرفته ملاعب الكرة المصرية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا !!
ثم أنضم إليهم " العربي " بعد إنتقاله من مركز الجناح الأيسر إلى مركز قلب الهجوم المتأخر في طريقة الظهير الثالث العادية ليصنعوا معاً " ثالوثاً " رائعاً أذهل الجميع في كل مكان بفواصل كروية ممتعة وبتشكيلات فنية رائعة فردية وثنائية وثلاثية " مُطعمة " بغمزات من الكعوب والرؤوس والعيون والحواجب !! مما جعل كاتبنا الرياضي الكبير " نجيب المستكاوي " يبدى إعجابه الشديد بفريق الإسماعيلي وإنبهاره بأداء لاعبيه فيطلق عليهم اللقب الشهير " الدراويش " ..
ويكتب في " الأهرام " يقول : ياسبحان الله .. ذهبت لمشاهدة مباراة في كرة القدم فإذا بي أقع في حلقة ذكر !! يتوسطها فتى أسمر جميل الطلعة يقود مجموعة الذاكرين معه ببراعة المايسترو القدير أسمه .. " رضا " !!
ولم يكن " رضا " هذا مجرد لاعب كرة موهوب وحسب وإنما كان نجماً فذاً وكروياً ثائراً .. وأمل الإسماعيلية بأكملها فهو الذي منحها الثقة والحلم ..
" الثقة " في قدرة المدينة الصغيرة على هزيمة ناديي العاصمة قطبي الكرة المصرية .. الأهلى والزمالك .. " والحلم " في أن يفوز الإسماعيلي ذلك الفريق " الغلبان " بدرع الدوري العام وكأس مصر !
.. الأمل من رحمة الموت !!
لكن القدر لم يكن رحيماً " برضا " فلم يمهله العمر كي يحقق الحلم الذي ظل يرواده طيلة حياته في أن ينتقل درع الدوري العام المصري إلى الإسماعيلية ولم يحقق له أمنيته الغالية بأن يحمل لمدينته كأس مصر .. حيث أختطفه الموت بقسوة وهو في ريعان الشباب .. أثر حادث سيارة عند إيتاي البارود .. بحيرة .. في الثامن والعشرون من سبتمبر عام 1965 .. ومات " رضا " لكنه كان قد رسم لزملائه " خريطة الطريق " إلى البطولة قبل الرحيل .. رسمها بالورود والعرق والدم .. مات " رضا " لكنه كان قد زرع الحلم في القوب وغرس الثقة في النفوس .. قلوب ونفوس الإسماعيلية جمعاء .. الناس والفريق والأرض ..
مات " رضا " وبقى الإسماعيلي .. حيث واصل أبناؤه السير في مشوارهم الصعب في الطريق إلى البطولة بدون القائد " رضا " .. وتحمل " شحته " رفيق العمر للراحل العظيم المسئولية من بعده .. تحملها بشهامة الفرسان وعزيمة الثوار ومعه باقي الرفاق عبد الستار والعربي وميمي درويش وأميرو ومعاطي والسقا وطربوش ..
وظل مكان " رضا " بالفريق شاغراً بموته ما يقرب من موسماً بأكمله ليتأخر الحلم قليلاً حتى بزغ الأمل بمن يملأ فراغ الراحل العظيم مع مولد نجم جديد .. صار هو الأخر فيما بعد إسطورة جديدة من أساطير الساحرة المستديرة في الزمن الجميل .. أسمه " على أبو جريشة " الذي تغير معه أسلوب لعب الفريق من الأعتماد على الألعاب الثنائية بين رضا وشحته أو الثلاثية مع العربي إلى اللعب الجماعي الذي يصنع الفرص " لأبو جريشة " النجم الصاعد ليهز شباك الخصوم .. فيسجل " على " في أول موسم له مع الفريق 15 هدفاً مكنته من الفوز بلقب هداف الدوري العام موسم 66/67 ومنحت فريقه الحق لتحقيق الحلم الذهبي في إنتزاع " الدرع " المصري من بين أنياب ذئبي العاصمة الأهلى والزمالك لتعيش الإسماعيلية أياماً طوال في فرحة غامرة .. عارمة لم تقطعها سوى أصوات المدافع وأزيز الطائرات وإعلان قيام الحرب في 5 يونيه 1967 !!
توقفت الكرة .. وترك أهالي الإسماعيلية من النساء والأطفال والشيوخ مدينتهم الغالية التي عاشوا فوق أرضها والتي عشقوا ترابها .. تركوها مرغمين .. مُهجرين لا مهاجرين إلى بلاد الله في شتى أنحاء مصر المحروسة بينما أنضم شبابها إلى المقاومة الشعبية لتبدأ صفحة جديدة من صفحات الكفاح والنضال والوطنية في كتاب التاريخ لمدينة صغيرة تسكنها روح الثوار أسمها " الإسماعيلية " وفريق ثائر .. متمرد .. متفرد .. أسمه " الإسماعيلي " !
.. فلاش باك !
الإسماعيلية .. مدينة بناها " الخديوي إسماعيل " .. لكن أبناء الأحياء الشعبية في المحطة الجديدة وشارع الفن وعرايشية مصر " وعرايشية العبيد " هم الذين كتبوا تاريخها وصنعوا " المستقبل " لها ولهم !! بعكس باقي مدن ومحافظات مصر .. وهذا مايجعل " الإسماعيلية " مدينة مختلفة .. بل شديدة الإختلاف عن بقية المدن .. وربما يعتبر ذلك سبب " تعصب " الإسماعيلاوية لفريقهم الكروي الذي يشجعونه بجنون ويعشقونه إلى حد الموت !!!
" محمد صلاح " شاب يعشق الإسماعيلي مثل كل أبناء الإسماعيلية .. أعتاد الزحف وراء فريقه في كل مكان .. قرر مشاهدة مباراة الإسماعيلي والمحلة في الأسبوع التاسع من موسم 90/91 بأستاد الإسماعيلية .. أثير شغب أثناء المباراة لسوء التحكيم .. أندفع الشغب خارج أسواء الملعب .. أطلق الأمن بعض رصاصاته .. أستقرت إحداها في صدر " محمد " ودفع حياته ثمناً لحبه وعشقه للإسماعيلي !
" محمود أبو أسكندر " رجل في العقد الخامس من العمر .. من أشهر مشجعي الإسماعيلي .. جاء من عمله مسرعاً .. جلس وسط أسرته الصغيرة أمام شاشة التليفزيون ليشاهد مباراة فريقه أمام الأهلى بالإسماعيلية موسم 97/98 .. وفي مباراة غريبة فاز فيها الأهلي بستة أهداف أصابت قلب أبو أسكندر " بالسكتة " ليتوقف عن النبض .. وتفارق روحه الحياة .. حزناً على هزيمة " الإسماعيلي "
" أسامة أحمد أبو ربع " .. شاب في مقتبل العمر " عشق الإسماعيلي " منذ نعومة أظافره .. سافر مع أصحابه إلى استاد المحلة في موسم 76/77 ليؤازر " الدراويش " في لقاء صعب مع " الفلاحين " بدور الأربعة لكأس مصر .. يومها فاز الإسماعيلي بهدفين أحدهما إسطوري لنجمه " الغزال " أسامة خليل .. في العودة لم تسع عربات القطار فرحة الشاب الصغير " أبو ربع " فصعد على سطح القطار حاملاً علم الدراويش بلونيه الأصفر والسماوي .. أخذ " يرقص " بجنون فوق سطح القطار .. رقصة النصر .. دون أن يدرى أنها " الرقصة الأخيرة ..
فقد أطاح أحد الكباري برأسه " وفرق " جسده النحيل على جوانب القطار الذي أطلق سائقه عند مدخل الإسماعيلية " صافرة " حزينة .. باكية .. على شاب متيم يهوى الإسماعيلي .. " قتله العشق " !!
لم يكن هذا وحده السبب الذي يقف وراء تعصب جماهير الإسماعيلية لفريقها الكروي وإنما هناك سبب آخر وهو الأقوى والأهم أنه " الظلم " الذي يتعرض له الإسماعيلي وجماهيره من الحكام والإعلام وإتحاد الجبلاية على مدى تاريخه وهذا مايؤكده الأستاذ " رأفت الشيخ " الصحفي بالأهرام الصباحي في كتابه الرائه " الحرب على القاهرة " الذي قدم من خلاله تحليلاً موضوعياً وبحثاً قيماً عن الأسباب والدوافع الحقيقية التي دفعت وراء تعصب جماهير الإسماعيلية لفريقها الكروي وضد الجميع .. توصل الرجل إلى " جذور " المشكلة وتيقن بأن جمهور الإسماعيلي لم يفعل ذلك يوماً إلا لإحساسه الجارف بالظلم وعدم إقتناعه بأن هناك شيئاً أسمه " العدالة " .. وأنه لم ينسى أبداً سطراً واحداً من سطور التاريخ .. " والتاريخ لايكذب ولايتجمل " !!
ففي عام 1948 ومع إنطلاق البطولة الأولى لمسابقة الدوري العام في مصر المحروسة .. كان مجلس إدارة النادي الأهلي يضم العديد من وزراء مصر وباشواتها .. وكانت هزيمة الأهلي " عيب " .. لأنها تعنى هزيمة هؤلاء " السادة " الوزراء والباشوات .. فكان على الحكام أن يجاملونهم بأن يضعوا في مناديلهم " نقاط " أي مباراة يكون الأهلي طرفاً فيها .. فأحتل الأهلى صدارة الدوري وحصد الدرع ثم تلاه الإسماعيلي في المركز الثاني بفارق 4 نقاط فقط عافية وذوق متساوياً مع الترسانة في عدد النقاط برصيد 25 نقطة لكل منهما .. لكن أتحاد الكرة لم يعجبه هذا الوضع وقرر إقامة مباراة فاصلة في مدينة السويس على ملعب نادي السويس الرياضي بوسط البلد .. قبل الموعد المحدد لإقامة المباراة ذهب الإسماعيلي وجماهيره إلى ملعب السويس الرياضي كما هو معروف ونزل لاعبوه إلى أرض الملعب للتسخين فلم يجدوا لاعبي الترسانة ولاحكام المباراة !! وفوجئوا بالمذيع الداخلي يعلن في الميكروفون بأن المباراة لن تقام بملعب " السويس الرياضي " وإنما ستقام على ملعب نادي بورتوفيق " ببورتوفيق " !! وإن لم يصل فريق الإسماعيلي في الموعد المحدد سلفاً لإقامة المباراة فأنه يُعد منسحباً ويُعلن فوز الترسانة !!
هرول لاعبو الإسماعيلي وورائهم جماهيرهم الغفيرة التي زحفت خلفهم يبحثون عن وسيلة مواصلات تنقلهم إلى ملعب " بورتوفيق " فلم يجدوا غير " الحناطير " و " عربات الكارو " و " دراجات المارة " يقفزون إليها ليصلوا في اللحظة الأخيرة وقبل أن يعلن الحكم إنسحاب الإسماعيلي !! ويومها فازت الترسانة " بمساعدة الحكم " بثلاثة أهداف مقابل هدفين رغم سيطرة الإسماعيلي التامة على المباراة وتألق نجمه الكبير " عوض عبد الرحمن " الذي أحرز هدفي الإسماعيلي ليخرج الفريق من المباراة مهزوماً ويفقد في النهاية و " بفعل فاعل " المركز الثاني بأول بطولة لمسابقة الدوري العام الكروي في مصر والتي بدأ معها عرض أولى حلقات مسلسل " الظلم " الموجع والسخيف !!
في الدور الأول موسم 62/63 .. جاء فريق الأهلى بكامل نجومه الكبار صالح سليم .. رفعت الفناجيلي .. محمود الجوهري .. ميمي الشربيني .. طه اسماعيل .. عادل هيكل .. مروان كنفاني .. فؤاد أبوغيده .. طارق سليم .. سعيد ابو النور .. للقاء الإسماعيلي بملعبه القديم المجاور للمقابر الذي أمتلأ عن آخره بجماهيره التي طالبت لاعبيها بالفوز على الأهلي 4 / 0 وكتبت بالجير على أرض الملعب نتيجة المباراة قبل أن تبدأ !! ونزل لاعبوا الأهلى إلى أرض الملعب بفانلاتهم الحمراء الدامية وراحوا يستعرضون قدراتهم بالتسخين بطول الملعب لمدة نصف ساعة .. فأضطر لاعبوا الإسماعيلي للتسخين على ملعب السلة خلف المدرجات .. بدأ الأهلى المباراة مسيطراً عليها لمدة 15 دقيقة كاملة حتى وصلت الكرة إلى " العربي " فيبدأ في تقديم فاصل من " الترقيص " والكعوب .. تهيص المدرجات .. تزول الرهبة من صدور لاعبي الإسماعيلي فيمتلكون زمام الأمور .. يستلم " شحته " الكرة وهو جالس على الأرض على حدود منطقة الجزاء وظهره للمرمى .. يلف بكامل جسمه تجاه المرمى .. يسجل هدفاً من أروع الأهداف التي شاهدتها الملاعب .. يمرر " العربي " كرة إلى " بابكر " السوداني يرسل قذيفة في مرمى " مروان " محرزاً الهدف الثاني .. يتفوق " رضا " على نفسه ويرواغ دفاع الأهلى بالكامل ويمرر الكرة عرضية إلى " أميرو " ليحرز الهدف الثالث من شوطه " إسكروه " في المقص الأيمن لمروان .. يتكرر الموقف في الهدف الرابع لتنتهي المباراة بأربعة أهداف نظيفة بناءً على " رغبة الجماهير " !!
في الدور الثاني من نفس الموسم 62/63 تقام المباراة الثانية بين الفريقين على أرض الأهلى " بإستاد التتش " .. جماهير العاصمة وإعلامها الأحمر يطالبون لاعبي الأهلي بالثأر لهزيمتهم في الإسماعيلية بالأربعة " إياها " .. الإسماعيلي يلعب في غياب نجمه الإسطوري " رضا " للإصابة وكذلك " شحته " كان مريضاً وملازماً للفراش وقد أرسل " تلغرافاً " إلى " أهل الجبلاية " بهذا المعنى ولكن !!
تبدأ المباراة ويهاجم الأهلى بكل خطوطه وسط تشجيع جنوني من جماهيره التي تطالب بالثأر من ذلك الفريق القادم من الأقاليم .. في الدقيقة 35 يسدد " زكي عبد الرحمن " قذيفة تسكن شباك الأهلى وسط ذهول الجميع .. " جن جنون " الأهلى .. تحولت المباراة إلى مايشبه الحرب .. وفي شوطها الثاني تتناقل الكرة بين أقدام " العربي و " أميرو " و " السقا " و " يسرى طربوش " لتصل إلى " محمد معاطي " اللاعب الصاعد ليرسلها بكل ثقة وإقتدار في مرمى " الروبي " حارس الأهلى والذي لعب بدلاً من زميله " مروان " .. يحاول الأهلى بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة إحراز هدف دون جدوى .. وقبل النهاية بدقيقتين يرتكب لاعب من الأهلى فاول صارخ داخل منطقة جزاء الإسماعيلي يتغاضى عنه حكم المباراة " أحمد الخولي " !!
لتصل الكرة إلى مدافع من الأهلي " ؟ " فيحرز " بالضرب " و " الذق " هدف الأهلى الوحيد لتصبح النتيجة 2/1 .. يحتج لاعبي الإسماعيلي على " هدف الأهلى " الذي تحقق من " فاول " صريح لصالح الإسماعيلي إلا أن الحكم " الخولي " يطلب من اللاعبين " تمرير " الواقعة وإكمال المباراة قائلاً : " إلعبوا فالمباراة أنتهت !! وبالفعل أطلق صفارته لتنتهي المباراة بفوز الإسماعيلي 2/1 وأثناء دخول " الحكم " إلى غرفة الملابس ذهب إليه " العربي " معاتباً يسأله عن سبب إحتسابه " هدف " الأهلي من خطأ عليه .. فقال الحكم " أحمد الخولي " للعربي بالحرف الواحد جملته المحفورة في ذاكرة لاعبي الإسماعيلي من جيل الستينات " إنه هدف لابد منه " !!!